فصل: كتاب تَعْظِيم أَمر الْغلُول:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.إِسْلَام الرجل من أهل الْخراج وَمَا يجب عَلَيْهِ من الْعشْر فِيمَا أخرجت أرضه:

وَاخْتلفُوا فِي الرجل من أهل الْكتاب يسلم وَبِيَدِهِ أَرض من أَرض الْخراج زَرعهَا، فَقَالَت طَائِفَة: عَلَيْهِ الْعشْر لِأَن الْعشْر فِي الْحبّ وَالْخَرَاج على الأَرْض، روينَا هَذَا القَوْل عَن عمر بن عبد الْعَزِيز، وَبِه قَالَ مُغيرَة، وَكَذَلِكَ قَالَ الزُّهْرِيّ، وَرَبِيعَة، وَيحيى الْأنْصَارِيّ، وَمَالك بن أنس، وسُفْيَان الثَّوْريّ، وَابْن أَبى ليلى، وَابْن الْمُبَارك، وَيحيى بن آدم، وَالشَّافِعِيّ، وَأحمد بن حَنْبَل، وَإِسْحَاق، وَأَبُو عبيد.
وَقَالَ أَصْحَاب الرَّأْي فِي أَرض الْخراج: لَا يجب فِيمَا أخرجت عشر وَلَا نصف عشر.
وَفِي كتاب ابْن الْحسن قلت: أَرَأَيْت الْمُسلم يشري من الْكَافِر أَرضًا من أَرض الْخراج أَيكُون عَلَيْهِ الْعشْر؟ قَالَ: لَا، وَلَكِن عَلَيْهِ الْخراج، وَلَا يجمع الْعشْر وَالْخَرَاج جَمِيعًا فِي أَرض.
وَقد تَأَول بعض النَّاس خبرين رويا عَن عمر بن الْخطاب، وَعلي بن أبي طَالب، وَلَيْسَ لَهُ مِنْهُمَا حجَّة.
6427- حَدثنَا على بن عبد الْعَزِيز حَدثنَا أَبُو نعيم قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان عَن قيس بن مُسلم عَن طَارق بن شهَاب أَن دهقانة أسلمت من أهل نهر الْملك لَهَا أَرض كَثِيرَة فَكتب عَامله إِلَى عمر، فَكتب إِلَيْهِ أَن ادْفَعْ إِلَيْهَا أرْضهَا يُؤَدِّي عَنْهَا الْخراج.
6428- حَدثنَا على عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا يزِيد عَن المَسْعُودِيّ عَن أبي عون الثقفى مُحَمَّد بن عبد الله قَالَ: أسلم دهقان فَقَامَ إِلَى علي بن أبي طَالب فَقَالَ لَهُ على: أما أَنْت فَلَا جِزْيَة عَلَيْك، وَأما أَرْضك فلنا قَالَ أَبُو بكر: إِنَّمَا هُوَ مُحَمَّد بن عبيد الله.
قَالَ أَبُو بكر: فرض الله الزَّكَاة فِي غير آيَة من كِتَابه فَقَالَ: {وَأقِيمُوا الصَّلاة وآتُوا الزَّكَاة} الْآيَة، وَقَالَ: {وَآتوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادهِ} الْآيَة.
وَثَبت أَن رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ فِيمَا دون خمس أوسق صَدَقَة» وَقَالَ: «فِيمَا سقت السَّمَاء الْعشْر وَفِيمَا سقى بالنضح نصف الْعشْر» فاستغنى عمر، وَعلي عَن إِعَادَة ذَلِك، وإيجابهما مَا قد أوجبه الله، وَاسْتغْنى بِهِ أهل الْإِسْلَام، وَإِنَّمَا بَينا مَا لَيْسَ ذكره فِي الْكتاب وَالسّنة، وَقد سَأَلَ عمر الني صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن مسئلة من الْفَرَائِض فَقَالَ: يَكْفِيك الْآيَة الَّتِي أنزلت فِي الصَّفّ اسْتغنى فِي ذَلِك بِكِتَاب الله.

.شري الْمُسلم أَرضًا من أَرض السوَاد:

وَاخْتلفُوا فِي السّلم يشري أَرضًا من أر فالسواد فمنعت طَائِفَة من بيع ذَلِك وأبطل بَعضهم البيع، وَمِمَّنْ قَالَ لَا يجوز بيع أَرض الَّتِي افتتحت عنْوَة مَالك بن أنس، قَالَ مَالك: وَأما مَا افْتتح عنْوَة فَإِن أُولَئِكَ لَا يشري مِنْهُم أحد وَلَا يجوز لَهُم بيع شَيْء مِمَّا تَحت أَيْديهم من الأَرْض، لِأَن أهل العنوة قد غلبوا على بِلَادهمْ وَصَارَت فَيْئا للْمُسلمين.
وَحكى عَنهُ أَنه كَانَ يُنكر على اللَّيْث دُخُوله فِيمَا دخل فِيهِ من أَرض مصر.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قد تَتَابَعَت الْأَخْبَار بِالْكَرَاهَةِ لشرى أَرض الْخراج، وَإِنَّمَا كرهها الكارهون من جِهَتَيْنِ: إِحْدَاهمَا أَنَّهَا فَيْء للْمُسلمين.
وَأُخْرَى أَن الْخراج صغَار، وَكِلَاهُمَا دَاخل فِي حَدِيثي عمر، أَحدهمَا قَوْله: وَلَا يقرن أحدكُم بالصغار بعد أَن نجاه الله مِنْهُ، وَوَافَقَهُ على ذَلِك ابْن مَسْعُود، وَابْن عَبَّاس، وَعبد الله بن عَمْرو، وَقبيصَة، وَمَيْمُون بن مهْرَان، وَمُسلم بن مشْكم، وَقَوله لعتبة بن فرقد، وَوَافَقَهُ على بن أبي طَالب.
6429- حَدثنَا على بن عبد الْعَزِيز عَن أبي عبيد حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم وَيحيى بن سعيد عَن سعيد بن أَبى عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن سُفْيَان الْعقيلِيّ عَن أبي عِيَاض عَن عمر قَالَ: لَا تشتروا رَقِيق أهل الذِّمَّة، فَإِنَّهُم أهل خراج، وأرضيهم فَلَا تبتاعوها، وَلَا يقرن أحدكُم بالصغار بعد أَن نجاه الله مِنْهُ.
6430- وَحدثنَا عَليّ عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا أَبُو نعيم حَدثنَا بكير بن عَامر عَن الشّعبِيّ قَالَ: اشْترى عتبَة بن فرقد أَرضًا على شاطئ الْفُرَات يتَّخذ فِيهَا قضباً، فَذكر ذَلِك لعمر فَقَالَ: مِمَّن اشْتَرَيْتهَا؟ قَالَ: من أَرْبَابهَا، فَلَمَّا، اجْتمع الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار عِنْد عمر قَالَ: هَؤُلَاءِ أَهلهَا، فَهَل اشْتريت مِنْهُم شَيْئا؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فارددها على من اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ، وَخذ مَالك.
6431- وحَدثني عَليّ عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنِي أَبُو نعيم عَن سعيد بن سِنَان عَن عنترة قَالَ: سَمِعت عليا يَقُول: إيَّاكُمْ وَهَذَا السوَاد.
6432- وَحدثنَا عَليّ عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا يزِيد عَن السعودي عَن أبي عون الثَّقَفِيّ قَالَ: أسلم دهقان على عهد عَليّ فَقَامَ إِلَى عَليّ فَقَالَ: أما أَنْت فَلَا جِزْيَة عَلَيْك، وَأما أَرْضك فلنا.
وَكَانَ الْأَوْزَاعِيّ يَقُول فِي شرى أَرض الْجِزْيَة: لم يزل أَئِمَّة الْمُسلمين ينهون عَن ذَلِك يَكْتُبُونَ فِيهِ ويكرهه علماءهم، وَحكى الشَّافِعِي عَن النُّعْمَان أَنه سُئِلَ أيكره أَن يُؤَدِّي الرجل الْجِزْيَة على خراج الأَرْض؟ فَقَالَ: لَا، وَقَالَ: إِنَّمَا الصغار خراج الْأَعْنَاق، وَبِه قَالَ يَعْقُوب، وَقَالَ النُّعْمَان: كَانَ لعبد الله بن مَسْعُود، ولخباب بن الْأَرَت، ولحسين بن عَليّ، ولشريح أَرض خراج، فَأرى النُّعْمَان شرى الْمُسلم أَرض الْجِزْيَة.
وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: أما من قبل أَنه لَا يحقن بِهِ الدَّم، الدَّم محقون بِالْإِسْلَامِ، وَهُوَ يشبه أَن يكون ككراء الأَرْض بِالذَّهَب وَالْفِضَّة وَقد اتخذ أَرض الْحجاز قوم من أهل الْوَرع وَالدّين، وَكَرِهَهُ قوم احْتِيَاطًا، وَقَالَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: إِذا أسلم الرجل من أهل السوَاد، فَأَقَامَ بأرضه أَخذ مِنْهُ الْخراج، فَإِن ترك أرضه رفع عَنهُ الْخراج.
وَقَالَ الثَّوْريّ: مَا كَانَ من أَرض صولح عَلَيْهَا ثمَّ أسلم أَهلهَا بعد، وضع عَنهُ الْخراج، وماكان من أَرض أخذت عنْوَة ثمَّ أسلم صَاحبهَا، وضعت عَنهُ الْجِزْيَة وَأقر على أرضه الْخراج.

.ذكر الذِّمِّيّ يَشْتَرِي أَرضًا من أَرض الْعشْر:

اخْتلفُوا فِي الذِّمِّيّ يَشْتَرِي أَرضًا من أَرض الْعشْر فَقَالَت طَائِفَة: لَا شَيْء عَلَيْهِ فِيهَا، وَذَلِكَ أَن الْعشْر إِنَّمَا يجب على الْمُسلمين طهُورا لَهُم وَلَيْسَ على أهل الذِّمَّة صَدَقَة فِي زُرُوعهمْ، كَذَلِك قَالَ مَالك بن أنس، وَقَالَ: إِنَّمَا الْجِزْيَة على رُؤْسهمْ وَفِي أَمْوَالهم إِذا مروا بهَا فِي تجاراتهم.
وَحكى أَبُو عبيد عَن مَالك أَنه قَالَ: لَا عشر عَلَيْهِ وَلكنه يُؤمر بِبَيْعِهَا، لِأَن فِي ذَلِك إبطالاً للصدقة، وَكَذَلِكَ رووا عَن الْحسن بن صَاع أَنه قَالَ: لَا عشر عَلَيْهِ وَلَا خراج إِذا اشْتَرَاهَا الذِّمِّيّ من مُسلم وَهِي أَرض عشر، وَقَالَ: هَذَا منزلَة مَا لَو اشْترى مَاشِيَته أفلست ترى أَن الصَّدَقَة سَقَطت عَنهُ فِيهَا؟ قَالَ أَبُو عبيد: وَقَول مَالك، وَالْحسن بن صَالح، وَشريك فِي هَذَا عِنْدِي أشبه بِالصَّوَابِ.
وَكَانَ الْحسن الْبَصْرِيّ يَقُول: لَيْسَ على أهل الذِّمَّة صَدَقَة فِي أَمْوَالهم، وَلَيْسَ عَلَيْهِم إِلَّا الْجِزْيَة، وَقَالَ النَّخعِيّ: الصَّدَقَة على من تَجَرَ من أهل الْكتاب، وَكَانَ الشَّافِعِي يَقُول: لَا عشر عَلَيْهِ فِي ذَلِك، وَحكى أَشهب عَن مَالك كحكاية أبي عبيد عَنهُ، قَالَ: سُئِلَ عَن الَّذِي يَشْتَرِي أَرضًا من أَرض الْعشْر؟ فَقَالَ: لَا عشر عَلَيْهِ وَلكنه يُؤمر بِبَيْعِهَا لِأَن فِي ذَلِك إبطالاً للصدقة، وَقَالَ أَبُو ثَوْر: يجْبر على بيعهَا، لِأَن فِي ذَلِك إبِْطَال حق الْمُسلمين.
وَفِيه قَول ثَان: وَهُوَ، أَن الذِّمِّيّ إِذا اشْترى أَرض عشر تحولت أَرض خراج، هَكَذَا قَالَ النُّعْمَان، وَقَالَ يَعْقُوب: يُضَاعف عَلَيْهِ الْعشْر، وَكَانَ سُفْيَان الثَّوْريّ يَقُول: عَلَيْهِ الْعشْر على حَاله، وَبِه قَالَ ابْن الْحسن.
وَقَالَ النُّعْمَان، وَيَعْقُوب: إِن اشْترى التغلبي أَرضًا من أَرض الْعشْر كَانَ عَلَيْهِ الْعشْر مضاعفاً، فَإِن اشْتَرَاهَا مِنْهُ بعد ذَلِك مُسلم كَانَ عَلَيْهِ الْعشْر مضاعفاً فِي قَول النُّعْمَان، وَزفر.
وَأجْمع كل من نَحْفَظ عَنهُ من أهل الْعلم على أَن كل أَرض أسلم عَلَيْهَا أَهلهَا قبل أَن يقرُّوا أَنَّهَا لَهُم، وَأَن أحكامهم أَحْكَام الْمُسلمين، لَهُم مَا للْمُسلمين وَعَلَيْهِم مَا عَلَيْهِم، وَأَن عَلَيْهِم فِيمَا زرعوه الزَّكَاة، وَكَذَلِكَ ثمارهم وَسَائِر أَمْوَالهم.
وَقد ذكرنَا تَفْسِير ذَلِك فِي كتاب الزَّكَاة، وَلَا أعلمهم يَخْتَلِفُونَ فِي أَن لَا شَيْء على أهل الذِّمَّة فِي مَنَازِلهمْ ورقيقهم ودورهم، وَلَا فِي سَائِر أَمْوَالهم إِذا كَانُوا من غير بني تغلب إِلَّا مَا يَمرونَ بِهِ على الْعَاشِر، فَإنَّا ذكرنَا مَا عَلَيْهِم فِي ذَلِك فِي كتاب الزَّكَاة.

.ذكر خبر دلّ على أَن الأَرْض إِذا أخذت عنْوَة وَتركهَا أَهلهَا أَن للْإِمَام أَن يضع عَلَيْهَا الْخراج:

قَالَ أَبُو بكر: قد ذكرت مَا حضرني من اخْتِلَاف أهل الْعلم فِي أَرض السوَاد، وكل أَرض افتتحت عنْوَة فسبيلها إِذا تَركهَا أَهلهَا لمن بعدهمْ، أَو تَركهَا الإِمَام على مَا يجوز أَن يَتْرُكهَا لن بعدهمْ كسبيل أَرض السوَاد، وَذَلِكَ كالأغلب من أَرض مصر وَكثير من أَرَاضِي الشَّام أَن للْإِمَام أَن يضع عَلَيْهَا الْخراج وَيقبض ذَلِك ويصرفه فِي مصَالح الْمُسلمين وَبينهمْ.
6433- أخبرنَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز حَدثنَا أَحْمد بن يُونُس حَدثنَا زُهَيْر بن مُعَاوِيَة قَالَ: حَدثنَا سُهَيْل بن أَبى صَالح عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: منعت الْعرَاق قفيزها ودرهمها، ومنعت الشَّام مديها ودينارها، ومنعت مصر أردبها ودينارها، ثمَّ عدتم من حَيْثُ بدأتم، قَالَهَا زُهَيْر ثَلَاث مَرَّات، شهد على ذَلِك لحم أَبى هُرَيْرَة وَدَمه.
وَقَالَ أَبُو عبيد بعد أَن ذكر هَذَا الحَدِيث: مَعْنَاهُ، وَالله أعلم أَن ذَلِك كَائِن فَإِنَّهُ سيمنع فِي آخر الزَّمَان، واسمع قَول رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدِّرْهَم والقفيز، كَمَا فعل عمر بن الْخطاب بِالسَّوَادِ، وَفِي تَأْوِيل عمر أَيْضا حِين وضع الْخراج، ووظفه على أَهله من الْعلم، أَنه جعله شَامِلًا عَاما على كل، من كَانَ لَزِمته المساحة وَصَارَت الأَرْض فِي يَده، من رجل أَو امْرَأَة، أَو صبي أَو مكَاتب أَو عبد، فصاروا متساويين فِيهَا، أَلا ترَاهُ لم يسْتَثْن أحدا دون أحد، وَمِمَّا يبين ذَلِك قَول عمر لدهقانة نهر الْملك حِين أسلمت فَقَالَ: دَعُوهَا فِي أرْضهَا تُؤَدّى عَنْهَا الْخراج، فَأوجب عَلَيْهَا مَا أوجب على الرِّجَال.
وَفِي تَأْوِيل حَدِيث عمر من الْعلم أَيْضا أَنه إِنَّمَا جعل الْخراج على الْأَرْضين الَّتِي تغل: من ذَوَات الْحبّ وَالثِّمَار، الَّتِي تصلح للغلة من العامر والغامر وعطل من ذَلِك المساكن والدور الَّتِي فِي مَنَازِلهمْ، فَلم يَجْعَل عَلَيْهِم فِيهَا شَيْئا.
وَيُقَال: أَن حد السوَاد الَّتِي وَقعت عَلَيْهِ المساحة من لدن تخوم الْموصل، ماراً مَعَ المَاء إِلَى سَاحل الْبَحْر، بِبِلَاد عبّادان من شَرْقي دجلة هَذَا طوله، وَأما عرضه فحده مُنْقَطع الْجَبَل من أَرض حلوان إِلَى مُنْتَهى طرف الْقَادِسِيَّة الْمُتَّصِل بالعذيب من أَرض الْعَرَب، فَهَذَا حد السوَاد وَعَلِيهِ وَقع الْخراج.
وروى عَن الْحسن بن صَاع أَنه قَالَ: أَرض الْخراج مَا وَقعت عَلَيْهِ المساحة، وَكَانَ أَبُو حنيفَة يَقُول: كل أَرض بلغَهَا مَاء الْخراج.
6434- حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن عبد الله قَالَ: أخبرنَا روح بن عبَادَة قَالَ: حَدثنَا سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة عَن لَاحق بن حميد قَالَ: لما بعث عمر بن الْخطاب عمار بن يَاسر على الصَّلَاة وعَلى الجيوش.
وَبعث ابْن مَسْعُود على الْقَضَاء وعَلى بَيت مَالهم، وَبعث عُثْمَان بن حنيف على مساحة الْأَرْضين، وَجعل بَينهم كل يَوْم شَاة، شطرها وسواقطها لعمَّار بن يَاسر، وَالنّصف بَين هذَيْن، قَالَ سعيد: وَلَا أحفظ الطَّعَام، ثمَّ قَالَ: أنزلتكم وإياي من هَذَا المَال منزلَة مَال الْيَتِيم، من كَانَ غَنِيا فليستعفف وَمن كَانَ فَقِيرا فَليَأْكُل بِالْمَعْرُوفِ، وَمَا أرى قَرْيَة يُؤْخَذ مِنْهَا كل يَوْم شَاة إِلَّا كَانَ ذَلِك سَرِيعا فِي خرابها، قَالَ: فَوضع عُثْمَان بن حنيف على جريب الْكَرم عشرَة دَرَاهِم، وعَلى جريب النّخل ثَمَانِيَة دَرَاهِم، وعَلى جريب الْقصب سِتَّة دَرَاهِم، وعَلى جريب الْبر أَرْبَعَة دَرَاهِم، وعَلى جريب الشّعْر دِرْهَمَيْنِ، وعَلى رُؤْسهمْ على كل رجل أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ، وعطل من ذَلِك النِّسَاء وَالصبيان، وَفِيمَا تخْتَلف بِهِ من تجاراتهم نصف الْعشْر، قَالَ: ثمَّ كتب بذلك إِلَى عمر فَأجَاز ذَلِك ورضى بِهِ.
6435- حَدثنَا على عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَن الشَّيْبَانِيّ عَن مُحَمَّد بن عبيد الله الثَّقَفِيّ قَالَ وضع عمر على أهل السوَاد على كل جريب عَامر، أَو غامر درهما وقفيزاً، وعَلى جريب الرّطبَة خَمْسَة دَرَاهِم وَخَمْسَة أَقْفِزَة، وعَلى جريب الشَّجَرَة عشرَة دَرَاهِم وَعشرَة أَقْفِزَة، وعَلى جريب الْكَرم عشرَة دَرَاهِم وَعشرَة أَقْفِزَة، قَالَ: وَلم يذكر النّخل.
6436- حَدثنَا عَليّ عَن أبي عبيد قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن مجَالد ابْن سعيد عَن أَبِيه مجَالد بن سعيد عَن الشّعبِيّ أَن عمر بعث عُثْمَان بن حنيف فَمسح السوَاد، فَوَجَدَهُ سِتَّة وَثَلَاثِينَ ألف ألف جريب، فَوضع على كل جريب درهما وقفيزاً.
وَقَالَ أَحْمد: صَاحب أَرض الْخراج أَنما عَلَيْهِ فِي كل جريب من الْبر وَالشعِير قفيز وَدِرْهَم، وَقَالَ عبد الله بن الْحسن: المساحة فِي أَرض الْخراج حق قد فعله عمر.

.كتاب تَعْظِيم أَمر الْغلُول:

قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: {ومَا كَان لنَبِيٍ أَنْ يَغُل ومَن يَغلُل يَأتَ بِمَا غَلَّ يَومَ القِيَامة ثُمَّ تُوفَّى كُلُّ نَفسٍ مَاكَسَبَت وهُم لَا يُظلَمُون} الْآيَة.
قَالَ أَبُو بكر: وَقد اخْتلف فِي معنى قَوْله جلّ ذكره: {ومَا كَان لنَبِيٍ أَنْ يَغُل} وَفِي قِرَاءَته، فَكَانَ ابْن عَبَّاس يقْرَأ يغل بِرَفْع الْيَاء وبفتح الْغَيْن.
6437- حَدثنَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز قَالَ،: حَدثنَا حجاج قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد عَن قيس عَن طاؤوس أَن ابْن عَبَّاس كَانَ يقْرَأ: {ومَا كَان لنَبِيٍ أَنْ يَغُل}.
وَكَذَلِكَ قَرَأَهَا أَبُو وَائِل، وَأَبُو عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، وَالْكسَائِيّ، وَقد اخْتلف من قَرَأَ هَذِه الْقِرَاءَة فِي معنى ذَلِك.
6438- حَدثنَا عَليّ بن عبد الْعَزِيز قَالَ: حَدثنَا الْحسن بن الرّبيع قَالَ: حَدثنَا ابْن الْمُبَارك عَن شريك عَن خصيف عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: فقدت قطيفة حَمْرَاء يَوْم بدر، مِمَّا أُصِيب من الْمُشْركين فَقَالَ النَّاس: لَعَلَّ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخذهَا، فَأنْزل الله تبَارك وَتَعَالَى: {ومَا كَان لنَبِيٍ أَنْ يَغُل} الْآيَة.
وَقَالَ بَعضهم مِمَّن قَرَأَ هَذِه الْقِرَاءَة مَعْنَاهُ: {ومَا كَان لنَبِيٍ أَنْ يَغُل} يقسم لبَعض وَيتْرك بَعْضًا، كَذَلِك قَالَ الضَّحَّاك، وَكَذَلِكَ روى ابْن جريج، وَابْن عَبَّاس، وَزَاد: أَن يجوز فِي الحكم وَالْقسم.
وَقيل معنى ثَالِث: قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق: أَي مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكتم النَّاس مَا بَعثه الله بِهِ إِلَيْهِم عَن رهبة هن النَّاس وَلَا رَغْبَة، {ومَن يَغلُل} أَي يفعل ذَلِك، يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة.
وَكَانَ الْحسن الْبَصْرِيّ يقْرَأ: {يغل} يخان، وَكَذَلِكَ قَرَأَ إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ، وَقَالَ مُجَاهِد: {يَغُل} يخون، وَقَالَ قَتَادَة: {يَغُل} يغله أَصْحَابه، وَقَالَ بَعضهم: كلا الْقِرَاءَتَيْن صَوَاب وَهُوَ أَن يخان أَو يخون، وَقَالَ الضَّحَّاك فِي قَوْله: {أفَمن اتَّبَعَ رضوَان الله} الْآيَة قَالَ: من لم يغل {كَمَن بَاء بسخطٍ مِنَ الله} الْآيَة قَالَ: من غل.